المحفوظات

  • في القراءة النقدية للتراث: مقاربات معاصرة
    مجلد 2 عدد 1 (2023)

    لقد أثَّرتْ الأحداث السياسيّة المُتلاحقة في منطقة «مينا» (الشرق الأوسط وشمال إفريقيا) على سمعة الإسلام تأثيرًا بالغًا، وأضحتْ أسئلةٌ من قبيل: هل في الإسلام تنوير؟ وهل يمكن إصلاح الإسلام أو تجديده؟ شائعة في الساحات الثقافية العمومية والأكاديمية على السواء. تنوعتْ الإجابات وتعدَّدتْ، لكنَّها في الغالب تأخُذ منحيين رئيسيين: منحى يثبت أصالة التنوير في الإسلام، وأنه -أي التنوير- صفة ذاتية له، ثم يفترقون في تعيين مجال الفكر التنويري في التجربة الإسلامية؛ فمنهم من استدعى مواطن العقلانية في التاريخ، وغالبا ما يكون ابن رشد (الجابري 2007) وابن خلدون (العروي، 1996) المثالين الأبرزين؛ ومنهم من عمد إلى البحث في التجربة الصوفية الإسلامية واستحضار نماذج من قبيل ابن عربي الأندلسي (المصباحي 2006)؛ ثم هناك اتجاه ثالث عاد إلى تراث الأخلاقيين الإسلاميين كمسكويه وأبي حيان التوحيدي وغيرهما لإثبات بذرة إنسية في التراث العربي (أركون 1997)؛ ومنهم من عاد إلى التراث الاعتزالي بصفته تراثًا تنويريًّا (حنفي 1988)، ودعا إلى تثويره في الواقع الحديث لإنتاج حداثة عربية لا تعاني من الأعطاب الحداثية التي عرفتها التجربة الأوروبية.
    أما المنحى الثاني فينفي علاقة الإسلام بالتنوير، من جهة أن التنوير مقولة تاريخية، كانت لها شروط وسياقات خاصة، في حين أنَّ الإسلام في تجربته التاريخية كان مُعتمدًا على مقولات جوهرانية أنتجها الفقهاء والمُتكلِّمون، نأتْ به عن أية إمكانات تنويرية؛ فلا «الذات الديكارتية» هي الذات التي تحدث عنها المُتكلِّمون (المصباحي 2017)، ولا «العقل الكانطي» هو ما قصده المُعتزلة والفلاسفة عند حديثهم عن العقل (العروي 1996). فهل هذا التراث، لاسيما الفقهي منه الذي ارتبط بالسلطة، والعقدي الذي حد من قدرة الإنسان هو السبب في تأجيل سؤال التنوير؟ ومن ثم، عدم استيعاب الإسلام لمقولتي التجديد والإصلاح؟
    إنَّ ما يُمكن مُلاحظته من الوهلة الأولى، هو ارتباط مفهوم التنوير بمفهومي الإصلاح والتجديد، ثم ارتباط كل هذه المفاهيم بالعقل، أو بالقراءة النقدية للتراث إذا رمنا أن نكون أكثر تحديدًا. من هذا المُنطلق ارتأينا أن نستأنف القضية التي عرضناها في ملف المجلد الأول (2022)، بملف العدد الأول من المجلد الثاني (2023) المعنون بـ: «في القراءة النقدية للتراث: مقاربات معاصرة»، الذي سيتطرق لعدد من المشاريع المُعاصرة التي شكَّلتْ، وماتزال تُشكل، القاعدة التي تنطلق منها النقاشات حول علاقة الإسلام بالتنوير والإصلاح والتجديد.
    إنَّ عرض هذه المشاريع هو فرصة لفتح نِقاش علميّ أكاديميّ بشأنها وحول القضايا التي تطرحها، للنظر في حدودها والإمكانات الكامنة فيها؛ والأهم من ذلك؛ وهو الغرض من إنشاء مجلة مونستر للدراسات الإسلامية والفلسفية: «إعادة التفكير في الدين الإسلاميّ من خلال معرفة ما نحن عليه اليوم وما يُمكن أن نكون عليه غدًا».

  • الإسلام والتنوير
    مجلد 1 عدد 1-2 (2022)

  • مفهوم الرحمة: مقاربات في علم الكلام الإسلامي
    مجلد 2 عدد 2 (2023)

    لاسم الله «الرحمن» جُذورٌ في نصوص اللُّغات الساميّة، تُفيد في إحدى معانيها «الإله المُحبّ»، وقد جاء القرآن ليُعيد هذه الدّلالة الكامنة في التوراة والإنجيل وبالتناص معهما، حيث يُفرِّق بين اسم الله الرّحيم، بمعنى الرحمة التي تغفر الذنوب؛ وبين الرحمن بمعنى الرحمة الـمُحبّة للإنسان، وهي مقام يفوق مُجرَّد الشّفقة أو المغفرة. كما يتقاطع القُرآن بشكل أوثق مع الإنجيل من خلال تركيزه على هذا المعنى الكامن باعتباره أساس العلاقة بين الله والإنسان، حيث الرّحمة الإلهيّة مُتّجهةً لمحبَّة الإنسانيّة، ومن ثم تسمح بالتأسيس للاهوت الرحمة، كما هو الحال في لاهوت المحبة في نصوص العهد الجديد.
    هل بإمكاننا اليوم أنْ نتحدَّث عن الرّحمة الإلهيّة باعتبارها أساس علاقة الله بالإنسان؟ وداخل أيِّ أُفقٍ يُمكننا ذلك؟

    نسعى من خلال هذا العدد إلى عرض مفهوم الرحمة للنقاش الكلامي الإسلامي من جديد، ليس من مُنطلق البحث عن تأسيس اعتزالي أو أشعري أو ماتريدي لمفهوم الرحمة، وإنما البحث في تاريخ الأفكار عن دواعي غياب الرحمة في البنية الذهنية للكلام الإسلامي، والبحث عن إمكانات أخرى لِتأسيس المقولات اللاهوتية بما في ذلك «لاهوت الرحمة» على «حدود مُجرّد العقل».

    تأمل مجلة مونستر للدراسات الإسلامية والفلسفية أنْ يكون هذا العدد فُرصةً لفتح نقاش بين الباحثين المُهتمين لتعميق الدراسة في موضوع الرحمة من منظورات لاهوتية وفلسفية مُختلفة.