«ويل للمصلين» (الماعون 107: 4): في عد القرآن مصدرًا تاريخيًّا لكتابة السيرة النبوية

الجزء الأول: التفاسير الإسلامية والسياق التاريخي للقرآن

الملخص

تركز هذه الورقة على دراسة تطور تفسير الآية الرابعة من سورة الماعون (107: 4) من تفاسير العصر القديم المتأخر إلى الوسيط. تكمن أهمية الإحالة على الآية لسببين، أولًا: جرى رصد إجماع المفسرين على وضع السورة في السياق المكي ما عدا الآيات 7-4 التي وُضعتْ في السياق المدني؛ وثانيًّا، شكَّل تفسير هذه الآية نموذجًا لقطيعة التفاسير مع السياق التاريخي للقرآن، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى قطيعة مع السياق التاريخي للسيرة النبوية، ومن ثم تعذر التأريخ للسيرة النبوية اعتمادًا على الروايات الإسلامية. في حين أن الجدل في الدراسات القرآنية والتاريخ الإسلامي المُبكر ما يزال مُحتدمًا في مدى إمكان عد القرآن مصدرًا للسيرة النبوية، تُجادل هذه الدراسة، أنَّ كتابة السيرة النبوية اعتمادًا على القرآن كمصدر تاريخي مُمكنة من وجهة نظر تأريخية. تتناول هذه الدراسة بجُزءيها الفترة المكية الأولى من خلال نموذج سورة الماعون، وعلاقتها كرونولوجيًّا بسور مكية يُمكن من خلالها رصد تطور دعوة النبي محمد وبدايات التوتر مع أعيان قريش. سيُخصص الجزء الأول لدراسة التفاسير الإسلامية والسياق التاريخي للقرآن، حيث سيتناول أولًا: سبب نزول السورة من وجهة نظر المفسرين وتطور الروايات بشأن الفئة التي نزلت فيها الآية الرابعة، ثانيًّا: التطور التاريخي لتفسير الآية الرابعة، وأخيرًا: محاولة تحليل دواعي غياب وعي تاريخي عند المفسرين عندما يتعلق الأمر بسورة أو آيات تتناول مواضيع ذات طبيعة هوياتية، وهو ما تفترض الورقة بأنه سبب القطيعة مع السياق التاريخي للقرآن والسيرة النبوية.