العدد الحالي
يسرنا أن نقدّم للقراء الكرام هذا العدد المتنوع من دورية "مونستر للدراسات الإسلامية والفلسفية"، الذي يضم مجموعة من المقالات البحثية التي تتناول موضوعات متنوعة ومهمة في مجال الفلسفة الإسلامية والدراسات الفلسفية. يعكس هذا العدد التزامنا بتقديم أبحاث رصينة تعزز الفهم العميق للقضايا الفلسفية والدينية، وتسعى إلى فتح آفاق جديدة في هذا المجال.
يبدأ هذا العدد بمقالة نجيب جورج عوض، حيث يستعرض فيها تطور الفلسفة في العالم العربي الإسلامي المعاصر، من خلال قراءة تحليلية لفكرة "الفلسفة الإسلامية" في ضوء مفهوم الفلسفة كما تبلور في العصر الإسلامي المبكر. يعود الباحث إلى اللحظات الأولى التي طوَّر فيها العرب المسلمون في العصر العباسي المبكر خطابًا فلسفيًا يعبر عن فهمهم لطبيعة ودور الفلسفة، مستندين إلى الإرث الفلسفي اليوناني بشقيه الأفلاطوني والأرسطي. تركز المقالة على نصوص يعقوب ابن اسحق الكندي وأبي نصر محمد الفارابي، ويستخلص الباحث نتائج حول مدى اهتمام هؤلاء الفلاسفة بأسلمة الفلسفة.
في مقالة رمضان بن رمضان، يتم تناول الجدل حول مفهوم "الصرفة" وعلاقته بالإعجاز القرآني. يدرس الباحث تحولات هذا المفهوم داخل التيار الاعتزالي من القرن الثالث الهجري إلى القرن الخامس الهجري، وكيف تم تكييفه ليكون منسجمًا مع التوجه العام في مباحث الإعجاز القرآني. تُناقش المقالة الأبعاد الثيولوجية واللغوية لهذا المفهوم وأثره على الفهم القرآني.
وفي المقالة الثالثة، يقدم محمد أسامة بن عطاء الله في مقالته دراسة عن إسهامات رفائيلي بيتازوني في علم الأديان، مركزًا على دوره في تجاوز التوتر المنهجي بين الفينومينولوجيا والتاريخ. يستعرض الباحث كيف أن بيتازوني شكّك في شرعية النتائج التي أفرزتها النظريات الكلاسيكية حول أصل الدين، ودعا إلى تبني مقاربة فينومينولوجية تتيح فهمًا أعمق للظواهر الدينية وتكاملها مع المنهج التاريخي.
في حين تسلط ريتا فرج في دراستها الضوء على أعمال إليزابيث شوسلر فيورنزا ومنهجها في لاهوت التحرير النقدي النسوي. تشرح الدراسة كيف أن فيورنزا أسست منهجها على أربع ركائز: هرمينوطيقا الشك، هرمينوطيقا التذكر، هرمينوطيقا الخيال، وهرمينوطيقا الإعلان. كما تستعرض أبرز خلاصات فيورنزا حول "حركة يسوع" و"كنيسة النساء".
في مقالة النقد التاريخي لِيان هووارد مارْشال المُترجم من طرف بشرى النواسي، يتم تقديم نظرة شاملة على النقد التاريخي للعهد الجديد. يوضح مارشال كيفية تطبيق العلوم التاريخية لفهم النصوص الدينية القديمة، والتحديات التي تواجه المؤرخين في هذا المجال، وأهمية النظر في أهداف كاتبي النصوص الدينية.
تختتم مقالات العدد بترجمة محمد أسامة بن عطاء الله لنص رفائيلي بيتازوني حول العلاقة بين التاريخ والفينومينولوجيا في علم الأديان. يقدم بيتازوني في هذه المقالة دعوة لتبني مقاربة فينومينولوجية تعزز فهم الظواهر الدينية في سياقها التاريخي، مع الحفاظ على البعد الترانسندنتالي للدين.
وفي قسم القراءات قدم محمد الريوش قراءته لكتاب الفقه الحنفي بإفريقية في القرن 3هـ/ 9م، لنجم الدين الهنتاتي.
نأمل أن تسهم هذه المقالات في إثراء النقاش الأكاديمي وتعزيز الفهم المتبادل بين الباحثين والقراء في مجالات الفلسفة والدراسات الإسلامية.