أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي: التعليم والأخلاق والاجتهاد الفقهي في الأزهر لآريا نكيسا

مراجعة:عبد الرحمن زعتري*

آريا نكيسا. أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي: التعليم والأخلاق والاجتهاد الفقهي في الأزهر. ترجمة أسامة عباس. بيروت: مركز نهوض للدراسات والبحوث، 2021. 511 صفحة.
ISBN 9780-614-470-036-5

شهدت الحقول الدراسية المتعلقة بأنثروبولوجيا الإسلام ازدهارًا ملحوظا منذ ستينيات القرن العشرين. كان لأعمال كليفورد غيرتز، إلى جانب باحثين آخرين، أثر حاسم في رسم مسار جديد ومتميز للدراسات الإسلامية المعاصرة، دون أن نغفل الإنجازات البحثية الكبيرة في مجال سوسيولوجيا الإسلام أيضا. وُصف براين تيرنر بأنه مؤسس حقل سوسيولوجيا الإسلام، وقد قام بنشر دراسة مهمة عن الإسلام في سوسيولوجيا ماكس فيبر، حيث قام الكتاب بمراجعة مميزة لأفكار فيبر عن الإسلام، ودراسة مدى وفائه لمنهجه التفهميّ في ملاحظاته حول المجتمع والفقه الإسلاميين. وفي المقابل نشر غيرتز مجموعة من الدراسات المهمة حول المجتمعات الإسلامية، تخللها حضور واضح لماكس فيبر وبعض مقولاته الأساسية.

يمكننا أن نقول أن الاشتغال ضمن إطار نظرية التأويل جعل ماكس فيبر يحضر في صلب إنجازات مؤسسي سوسيولوجيا الإسلام، وأنثروبولوجيا الإسلام في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. ورغم أن هذا الاتجاه التأويلي سيتراجع بسبب انتشار أعمال فوكو، فإنه قد ساهم بشكل فعال في تطور فهم الأكاديميا الغربية للمجتمعات الإسلامية، عوض الاكتفاء بالإسقاطات الموروثة عن الوضع الأكاديمي الأوروبي في القرن التاسع عشر. في هذا السياق الإبستمولوجي الخاص؛ يـأتي كتاب أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي: التعليم والأخلاق والاجتهاد الفقهي في الأزهر The Anthropology of islamic law: Education, Ethic,and legal Interpretation at Egypt’s aL-Azhar من إنجاز الباحث آريا نيكيسا Aria Kakissa. حيث لا يتردد المؤلف في الإعلان عن تحيزه في دراسته لهذا التقليد في الدراسات الأنثروبولوجية.

كانت الدراسات الأنثروبولوجية المشتغلة على المجال القانوني بشكل عام، والمجال القانوني الإسلامي بشكل خاص تركز على الفضاء المتعلق بالمحاكم، وانتخاب حالات قضائية محددة تكون موضوعا للدراسة، عادة ما تكون قضايا إشكالية من الناحية القانونية؛ سواء أكان الإشكال متعلقا بنص القانون نفسه، أو بالمساطر والإجراءات المتعلقة بإنفاذه في حالات معينة(1). وقد أنجزت، في هذا السياق، عدة دراسات أنثروبولوجية حول المحاكم العثمانية بشكل أساسي. لكن هذه الطريقة في الاشتغال سوف تتعرض لنقد متزايد، بعد أن أصبح واضحا أنها لا تساعد في فهم النظام القانوني من زاوية أنثروبولوجية بشكل واضح. دفع هذا الوضع بعض الباحثين في الأنثروبولوجيا إلى استكشاف مناطق بحث جديدة؛ فبدأ الاهتمام يتزايد بدراسة المؤسسات المنتجة للقانون وممثليه؛ سواء أكانت هذه المؤسسات معاهد لتخريج المحامين، أو كليات القانون. وقد سار الباحث نيكيسا على نفس هذا المسلك الأنثروبولوجي، وحاول أن يدرس معاهد الفقه التابعة للأزهر في مصر، ومحاولة استجلاء الطريقة التي يتم بها تكوين هؤلاء الفقهاء، وطرقهم في إنتاج الأحكام الشرعية.

إن هذا المسلك الجديد في دراسات أنثروبولوجيا القانون قد حتم على الباحث أن يرجع أكثر إلى النصوص القانونية المدونة، وهو أمر مخالف للتقليد الأنثروبولوجي القديم الذي يقوم على على جمع المعطيات من خلال الدراسات الميدانية. فعمد إلى فحص نصوص أصول الفقه، ومقاصد الشريعة، وكتب التفسير وغيرها، ليفهم بشكل أفضل تلك الحوارات التي كانت تُجرى في باحات جامع الأزهر بين الأساتذة والطلبة، ولكي يفهم بشكل أكثر دقة المنهجية التي يتبعها الفقيه في إنتاج الأحكام. وهذه إضافة مُهمة في مجال أنثروبولوجيا الإسلام بشكل عام.

كان الباحث شديد الطموح حين قرر أن يدرس أنثروبولوجيا الفقه الإسلامي، لكنه اقتصر ببحثه الميداني على مؤسسة الأزهر في مصر دون غيرها. ورغم حذره النسبي، فإنه قد وصف كتابه بأنه «يقدم تعميمات جديرة بالثقة حول التراث الإسلامي السني» (ص 40). من الواضح أن هذا التعميم يقلل من قيمة نتائج أية دراسة أنثروبولوجية أو سوسيولوجية، ومع أنه قد حاول تفسير مبرراته في هذا التعميم، فإنها لم تكن كافية بكل تأكيد. هناك فوارق أساسية بين عدد من المدارس الفقهية السنية؛ سواء من جهة نوع علاقتها بالسلطة السياسية القائمة، أو مصادرها الأساسية في الدراسة الفقهية، أو انحيازاتها المذهبية. إن دراسة أنثروبولوجية عن قسم الفقه في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، ستفضي قطعا إلى نتائج مختلفة في عدد كبير من فصول هذه الدراسة عما انتهى إليه في كتابه.

لم يكن تعميم النتائج مشكلة الكتاب الوحيدة، فرغم أن الباحث قد اجتهد في دراسة النصوص الفقهية والأصولية التراثية، فإنه قد أساء فهم عدد كبير من المفاهيم و القواعد التراثية؛ فقهية كانت أم أصولية. وهذا ما جعله في مواضع كثيرة يسيئ تأويل أو تحليل بعض شهادات أساتذة جامع الأزهر أو سلوكهم. سأحاول اختيار نموذج لسوء الفهم أو قصور التصور الذي وقع للباحث، وما أفرزه من إشكالات أدت في النهاية إلى سلسلة متتالية من الاستنتاجات الخاطئة. أشير إلى أن بعض الباحثين سينشغلون بمناقشة بعض المفاهيم والقضايا المركزية في الفقه وأصوله التي استعملها الباحث على غير الوجه الذي يعرفها عليه دارسو الفقه؛ كالحكم والمقصد، وحكم الله واجتهاد الفقيه، والنسخ وغيرها من القضايا المشكلة في الكتاب، إلا أنني سأختار ما يبدو لي مناسبا للإطار الذي ينطلق منه الباحث؛ وهو الإطار الأنثروبولوجي لدراسة المؤسسة الفقهية الأزهرية.

عالج الباحث مسألة تعلم الفقه عن طريق المشاهدة (ص113) ضمن الفصل الذي خصصه للحديث عن طرق تحصيل العلم. واعتبر أن ملازمة الشيخ ومصاحبته طريقة أساسية من طرق تعلم أحكام الشريعة وتحصيل الفقه، حيث كان الطالب يراقب تصرفات الأستاذ بخصوص مسألة أو واقعة ما، ومن ثم يستنبط الحكم الفقهي الخاص بها. لا ينتبه الباحث هنا إلى أن العلاقة التي تجمع الأستاذ بالطلبة أكثر تعقيدا مما يصفه في كتابه. وهذا الأمر سيسبب له خللا في تفسير عدد من القضايا. فمن المؤكد أن شهادة العالمية ومنصب الأستاذية له دور في السلطة المعنوية لأساتذة الأزهر، لكن واقع الحال يشهد بأن عددا من أساتذة الفقه داخل الأزهر وخارجه في معاهد وكليات أخرى لا يُعترف بعلمهم في أوساط الطلبة. يعود السبب في هذا الأمر إلى أن الأستاذ أو الفقيه يكتسب سمعته من خلال جودة اطلاعه على نصوص المذهب ومقرراته والتزامه بها، ووقوفه على الفروع الفقهية الكثيرة وكيفية انبنائها على أصولها المذهبية، ويتم تقييمه من طرف الطلبة والدارسين بناء على هذه المعايير. من الوارد أن عددا من الطلاب يتعلم عددا من الأحكام الفقهية بناء على تصرف أستاذه، لكن مراقبة تصرفات الأستاذ هي وسيلة لتقييمه علميا وخُلُقيا أيضا.

إن عدم إدراك الباحث، أثناء دراسته الميدانية لهذا المعطى، قد فوت عليه فرصة جيدة لفهم عدة مسائل أخرى مرتبطة بهذه القضية ارتباطا مباشرا أو غير مباشر. وسأكتفي بمثالين اثنين:

المثال الأول: عالج الباحث مسألة دور الأخلاق في العلم بالشريعة، وأهميتها في إصابة الحق (ص198) من وجهة نظر أساتذة الأزهر. حيث استشهد بما أخبره به بعض الأساتذة من أن المستشرق، وإن كان متقنا للعلوم الإسلامية، فإنه لن يصيب الحق في الاجتهاد لأنه غير مؤمن، وذكر أنهم كانوا «يتعجبون من تجويز غير ذلك» (ص 198).

من المعلوم أن أغلب الأصوليين على تجويز وقوع الاجتهاد من غير المسلم، وإمكان إصابته الحق إن أحسن استعمال طرق الاستنباط، وأجاد ترتيب مقدمات البراهين. ولعل الإمام الغزالي من أشهر القائلين بهذا الرأي، حيث جعل العدالة شرطا للفتوى لا الاجتهاد(2). وتصريح هؤلاء الأساتذة، إن صح، مخالف لما قرره بعض أهم أعلام أصول الفقه المعتد بهم في الدراسة الأزهرية كالغزالي والشاطبي. بما قد يوحي بأنهم لم يطلعوا على هذه النصوص، وهو احتمال ممكن ضمن احتمالات أخرى.

ليس من الواضح إن كان الباحث يدرك التقرير الأصولي المتعلق بهذه المسألة؛ إذ كان هذا الأمر سيفيده في طرح أسئلة عدة تغني البحث، وتفتح المجال لنقاشات أعمق حول الفقه الإسلامي في المؤسسات المعاصرة، كالحالة النفسية للفقيه المعاصر في تعاطيه مع الحداثة ومفكريها، وكيفية الاستجابة لاحتكاك غير المسلمين اليوم بالإسلام بشكل عام والشريعة بوجه خاص. وأيضا، إلى أي حد يمكن اعتبار أساتذة الفقه في المؤسسات الدينية المعاصرة مطلعين بشكل كاف على المادة التراثية الإسلامية الثرية؟ حيث أن بعض المنتسبين للمعاهد الفقهية في دول إسلامية أخرى، وبسبب إدراج أنظمة التعليم الحديثة، فإنهم يعانون من ضعف واضح في الاطلاع الفقهي والأصولي، وهو ما سيثير سؤالا آخر لا يقل أهمية: ما تأثير محدودية الاطلاع في مسار الفقه السني المعاصر؟ من الممكن أن يعتذر بأن هذه أسئلة سوسيولوجية في المقام الأول، لكن الباحث قد ترخص لنفسه في مقدمة الكتاب بانتهاج مقاربة تزاوج بين الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا في آن واحد.

المثال الثاني: ويتعلق بمسألة نهي مشايخ الأزهر عن اعتماد الكتاب مصدرا للعلم عوض الشيخ، ومن الواضح أن هذه المسألة ترتبط بما سبق ارتباطا واضحا. يورد الباحث في هذه المسألة نصا للشاطبي، ويعتبره إحدى النصوص الأكثر استحضارا من طرف أساتذة الأزهر للتحذير من التكوين العصامي، ويعتبر الشاطبي بناء عليه من أعداء القراءة المستقلة (ص296). إن الباحث لا يدرك من جديد جوهر الإشكال في هذه المسألة، حيث يتمثل في التحذير أساسا من مخالفة مشهور المذهب وإجماعات أهل العلم. وهذا ما قصده الشاطبي، على الأرجح، إذ نعلم أنه كان معاديا لاكتساب العلم من الكتب من جهة أنها قد تكون بابا لمخالفة إجماعات أهل العلم لسبب من الأسباب، كما وقع لابن حزم حسب وجهة نظره. وما يشهد لهذا التحليل؛ أنه قد عادى، أيضا، علماء مالكية تلقوا العلم على يد شيوخ كبار، لكنهم اشتهروا بمخالفة مشهور المذهب كابن شاس وابن الحاجب وغيرهما(3).

لقد كانت مسألة الاطلاع الجيد على مدونات أصول الفقه، ونصوص التراث، وتصور مفاهيمها الأساسية تصورًا واضحًا وسليمًا، حاسمة جدا لإنجاز دراسة مميزة، وقد وقع للباحث سوء فهم، ثم سوء تحليل في عدة قضايا ومباحث على طول الكتاب، ولا تتسع هذه المراجعة لذكرها جميعا. إن أهمية حسن تصور الأصول التراثية للمفهوم، وطريقة تمثل وتأويل فقهاء مؤسسة الأزهر لها، تكمن في أنه يمكن توظيفها بطريقة أنثروبولوجية دقيقة والربط بينها وبين عدد لا يحصى من القضايا التي قد يبدو أنه لا رابطة بينها. وقد أدى به عدم الانتباه لها إلى الخروج بنتائج وخلاصات ينبغي أن ينظر لها بحذر كبير.

ماهي أهمية هذه الدراسة؟

يعد كتاب الكتاب موضوع المراجعة مناقشة حقيقية لعدد من المستشرقين و السوسيولوجيين الذي تابعوا ماكس فيبر في موقفه من الشريعة الإسلامية، ووصفها باللاعقلانية، وبالتالي تسببها بشكل من الأشكال في عرقلة ظهور أنظمة رأسمالية في المجتمعات الإسلامية. ورغم أن هذا الرأي الذي أفصح عنه ماكس فيبر قد روجع من قبل عدد من الباحثين والسوسيولوجيين كبراين تيرنر وغيره. إلا أنني أعتقد أن دراسة الباحث نيكيسا تعد الأكثر عمقا، كونها قررت الغوص في عمق المؤسسة الفقهية الأشهر في العالم الإسلامي، ومحاولة الاطلاع على طرق تكوين الفقيه، وطرق إنتاج الأحكام الفقهية، ومدى مركزية فكرة العقلنة في إنتاج هذه الأحكام.

على أن الأهمية الكبرى للكتاب تمثل في الجانب الإبستمولوجي الذي استثمره الباحث، والذي أعاد فيه الاعتبار إلى منهج التأويل في الدراسات الأنثروبولوجية والسوسيولوجية، بعد أن كان قد خفت بريقه منذ أن اشتهرت أعمال النظرية الفرنسية، وسيطرتها على المشهد الثقافي العالمي لأسباب سياسية وثقافية، يمكن اختصارها في هيمنة اليسار على مختلف جوانب المعرفة الإنسانية المعاصرة، وقد أشار الباحث نفسه إلى طرف من هذا الأمر في مقدمة كتابه، أثناء حديثه عن أسباب اشتهار طلال أسد، وهو أحد المتأثرين بأدوات فوكو في الأكاديميا الأمريكية.

تتأسس النظرية التأويلية في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا على مقدمة أساسية تعتبر الإنسان كائنا يعيش ضمن نسيج من العوالم والشبكات الرمزية التي ينبغي تحليلها. ومن ثم، فقد ركز غيرتز على الفعل في حد ذاته، ومحاولة فهم دوافعه، وعزل شبكاته الرمزية. ومن المؤكد أن المنهج التفهمي الذي ارتكز عليه ماكس فيبر في نصوصه ينتمي إلى هذا التقليد العام. إلا أن هذا الاتجاه لم يصمد طويلا، بسبب تسرب مفاهيم وأدوات ميشيل فوكو إلى مختلف حقول العلوم الاجتماعية، ما أدى بشكل مباشر إلى ظهور منهج بحثي جديد سيسطر على مجالي الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا معا؛ وهو ما يعرف الآن باسم نظرية الممارسة Practice Theory. انتقد رواد هذا الاتجاه بشكل حاد ممارسات رواد الاتجاه التأويلي، وقد بلغ هذا النقد الجذري أوجه مع طلال أسد الذي كان يرى أن جوهر الانثروبولوجيا يكمن في التفكير في علاقات السلطة، وتفكيك سياسات الإكراه. واستمر وفيا لهذا الخط في حقل أنثروبولوجيا الإسلام؛ حيث يصرح بأن مهمة أنثروبولوجيا الإسلام تتمثل في كشف الطرق التي تتبعها السلطة التي بيدها تقرير الصواب والخطأ، وفهم الظروف التي تجعل وجودها ممكنا، واكتشاف آليات مقاومتها أيضا.

ورغم الجاذبية التي لا زالت تحظى بها أدوات فوكو التحليلية في نظر الأكاديميين الشباب، ومثلها إنجازات طلال أسد، فإن صاحب الدراسة موضوع المراجعة قد اختار طريقا مختلفا ينأى به عن مسايرة التيار الأكاديمي السائد. حيث قرر أن يستعمل المنهج التأويلي في دراسته عن تدريس الفقه في الأزهر، من غير أن ينكر قيمة نظرية الممارسة إن وظفت في المكان الصحيح بالطريقة الملائمة. وقد دافع عن اختياره المنهجي هذا من خلال اتهامها، محقا، بالقصور الشديد عن إدراك دوافع الفرد في إنتاج الفعل، ومقاصده منه، وتبريره الشخصي لما يأتيه من أفعال وتصرفات. إن نظرية الممارسة، وبسبب تركيزها الشديد على كشف الإكراه الممارس من السلطة على الأفراد ودوره في صياغة المعتقدات العامة، قد أدى إلى تغييب الأفراد، وعدم الانتباه إلى فاعليتهم التاريخية وفهم منطقهم فيها، وبالنهاية تحليلها تحليلا مناسبا.

تكتسب الأنثروبولوجيا طابعها المميز من خلال اعتمادها في تفسيراتها على المعرفة المحلية، ولا يمكن ذلك إلا بإعادة الاعتبار للأفراد، ومحاولة تفهم أفعالهم، ودوافعها، وطرقهم في إضفاء مبررات؛ سواء أكانت عقلانية أو غيرها على تلك الاختيارات والأفعال. وهو ما يسمح بالكشف عن طرق تفكير الآخر بشكل يمكّن من الثقة بالنتائج إلى حد معقول. وهذا ما اختار الباحث نيكيسا أن يقوم به في كتابه، وهو ما يجعله إضافة جيدة لحقلي أنثروبولوجيا وسوسيولوجيا الإسلام.


1 من أهم الدراسات الناقدة لهذا المنهج الانثروبولوجي في تناول موضوعات القانون:

Franz von benda-beckmann (ed.), Spatializing Law: An Anthropological Geography of Law in Society (Farnham: Ashgate, 2009).

2 أبو حامد الغزالي، المستصفى، تحقيق محمد عبد السلام عبد الشافي (بيروت: دار الكتب العلمية، 1993) ص 342.

3 أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج (بيروت: دار الكتب العلمية، [د.ت]) ص 70.

* باحث بالمعهد العالي للدراسات الإسلاميّة Zentrum für Islamische Theologie بجامعة مونستر، ألمانيا.