الإسلامويّة والجاهليّة:

فوضى التسميّات وبُنى العنف

ريتا فرج*

doi:10.17879/mjiphs-2023-4611

ملخص

تتناول هذه الدراسة أولًا فوضى التسميات في البحوث التي تدرس الحركات الإسلامويّة: الحركات الإسلاميّة، الأصولية الإسلاميّة، الإسلام السياسي، الحركات السلفية (الدعوية/ العلمية والجهادية)، الحركات الإحيائية، الحركات الجهادية، الصحوة الإسلاميّة، والإسلامويّة؛ وتعرض ثانيًّا: بُنى العنف وطبقاته في نصوص الحركات الإسلامويّة، من خلال نقد مصطلح «الجاهليّة»، الأكثر استخدامًا في أدبيات سيد قطب؛ أكثر المُنظِّرين الإسلامويّين تأثيرًا في العنف الذي يشهده الإسلام المعاصر.

كلمات مفتاحية: الإسلامويّة؛ الجاهليّة؛ العنف؛ الإسلام السياسي؛ سيد قطب

* محاضرة وباحثة لبنانية في علم الاجتماع ودراسات المرأة.

Islamism and Jahiliyyah:

On chaotic terminology and violence structures

Rita Faraj*

Abstract

With the increasing literature researching Islamist movements, there has been a great confusion of nomenclature. Terms such as Islamic movements, fundamentalism, political Islam, Salafism (Dawah: scientific and Jihadism) and Sahwa (Awakening) movement, are tossed around and lumped together all too often. This essay aims, firstly, to address this confusion and try to untangle it. Secondly, the paper also presents the textual structures and layers of violence according to the interpretations of Islamist movements, through approaching “Jahiliyyah”, a term that is mostly used in the literature of Sayyid Qutb, whose ideas, tremendously, influenced contemporary Islamist movement.

Keywords: Islamism; Jahiliyyah; Violence; Political Islam; Sayyid Qutb

* Lebanese lecturer and researcher in sociology and women›s studies.

مقدمة

شكَّلتْ الظاهرة الإسلامويّة بدءًا من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 1928 إلى اليوم، مادة مُعقدة وإشكالية للدارسين/ الدارسات ولمراكز الأبحاث والجامعات ودوائر صناعة القرار، لا سيما في العقود الأخيرة. وقد تزايد الاهتمام العالميّ بها، بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001، وإثر تفاقم العمليات الإرهابيّة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، خصوصًا في أوروبا التي انتبهت مُتأخرة لمخاطر الإسلامويّين، وما زال عدد من الدول فيها حتى الوقت الراهن، غافلًا عن إدراك التقاطعات الصلبة والخطرة بين الإسلامويّات في فروعها الدعوية والسياسيّة والمُسلحة.

راهنتْ مراكز أبحاث أميركية عدة، على ما يُسمى «الإسلام السياسيّ المعتدل»، و«الإسلامويّة المُعتدلة» Moderate Islamism.(1)؛ وروّجتْ لهما سياسيًّا وإعلاميًّا، بعدما استخدمت الحكومات الأميركية والعربية نقيضهما «الجهادي/ المقاتل» في ثمانينيّات القرن المُنصرم، لمواجهة المدّ الشيوعي في أفغانستان. إنَّ توظيف الإسلام المُعاصر في الصراعات الدوليّة مُنذ الحرب السوفياتية-الأفغانية (1979-1989) وانطلاق حركة «الأفغان العرب»(2) والحرب الأميركية في أفغانستان (2001-2021)، بالإضافة إلى عوامل أخرى، أدتْ جميعها إلى توسع رقعة الإرهاب الإسلامويّ وانفجار التطرف الديني.

أصدرت «مؤسسة راند» RAND Corporation الأميركية تقريرًا عام 2007 بعنوان «بناء شبكات إسلاميّة معتدلة»، أتى تتمة لتقريرين سابقين: «إسلام ديمقراطي مدني»(3) و«العالم الإسلاميّ بعد 9-11»(4). وإذ عَدَّ التقرير -باختزال- الصراع الدائر في «العالم الإسلاميّ» بأنَّه في الأساس «حرب أفكار»، فإنَّ الوقائع فرضتْ وتفرض على المجتمعات العربية، صراعًا آخر منذ كتابة هذا التقرير وقبله وبعده؛ هو الصراع ضد الدولة ومؤسساتها وسيناريوات تفككها بدوافع وعوامل مختلفة، من بينها المخاطر الناجمة عن الإسلامويّة Islamism وعنفها الدعويّ والسياسيّ والقتاليّ، دون أن نتجاوز مأزق الأنظمة السياسيّة العربية وفشلها في تأسيس «دولة المواطنة»(5).

حدد التقرير ثلاثة أسباب لإشراك «الإسلاميّين»(6) في العملية الديمقراطية، أولها أنَّهم يمثلون البديل الوحيد، صاحب الجماهيرية الواسعة، للأنظمة التسلطيّة في العالم الإسلاميّ (وخصوصًا العالم العربي)؛ ويرجع الثاني إلى كون الجماعات الإسلاميّة مثل الإخوان المُسلمين في مصر، قد تحولتْ إلى دعم الديمقراطية التعددية وحقوق المرأة؛ أما الثالث فبسبب أن الإسلاميّين هم الأقدر على إقناع الإرهابيين المحتملين بنبذ العنف من رجال الدين الاعتياديين(7).

مرّ على التقرير أربعة عشر عامًا، فهل تغيَّرتْ المُعطيات المُرتبطة بالظاهرة الإسلامويّة وما يُبنى عليها؟ بدأ الوعي الأوروبي(8)، -والغربي إلى حدِّ ما- يبني رؤيةً جديدةً تُجاه الحركات الإسلامويّة، مُدركًا مخاطرها على الجاليّات المُسلمة وتحديّات اندماجها؛ لكنْ ثمة اتجاه إلى الآن يرى في جماعة الإخوان المسلمين، «إسلامًا سياسيًّا معتدلًا»، نتيجة هشاشة في الوعي بالتقاطعات بين الإسلامويّين والإرهابيّين؛ أيْ الإسلام السياسي والإسلامويّة المُسلحة؛ وهي عميقة وبنيوية ومتبادلة.

أولًا: فوضى المصطلحات

يلاحظ المتابع أنَّ الدارسين والدارسات للظاهرة الإسلامويّة، يستخدمون مُصطلحات مُتباينة في التعبير عن «الإسلامويّين» أو «الإسلام السياسي»، مثل: الحركات الإسلاميّة؛ الأصولية الإسلاميّة؛ الصحوة الإسلاميّة؛ الحركات الإحيائية؛ الجماعات الإسلاميّة؛ الحركات الجهادية؛ الحركات السلفيّة (الدعوية/ العلمية والجهادية). ثمة تمايزات وتقاطعات فيما بينها، ليس فيما يخص العُنف فحسب، وإنَّما في الدلالة أيضا.

لنأخذ -على سبيل المثال- المصطلح الملتبس «الأصولية الإسلاميّة»(9) Islamic Fundamentalism، الذي ظهر في الغرب -تحديدًا بريطانيا- لوصف الإسلامويّة. تُعرِّف الموسوعة البريطانية «الأصولية» بأنَّها «نوع من الحركة الدينيّة المحافظة التي تتميّز بالدعوة إلى التقيُّد الصارم بالنصوص المقدسة. استُخدم سابقًا للإشارة إلى البروتستانت الأميركيين الذين أصرُّوا على عصمة الكتاب المقدس؛ ثم جرى تطبيق مصطلح الأصولية على نطاق أوسع بدءًا من أواخر القرن العشرين، على مجموعة كبيرة من الحركات الدينيّة. يمكن القول: إن العديد من الأديان الرئيسة في العالم لديها حركات أصوليّة»(10). كما تُشير الموسوعة إلى استخدام المصطلح في الإسلام، ملاحظة توسع انتشاره مع الثورة الإيرانية عام 1979، وأنه كان سائدًا في كل من الأدب الشعبي والأكاديمي منذ أواخر القرن العشرين.

يُلاحظ الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي Roger Garaudy ا(1913-2012) أنَّ «كلمة أصولية لم تظهر في اللغة والمعاجم إلا حديثًا جدًا. فهي لم تمثل سنة 1966 في معجم روبير الكبير، ولم تظهر سنة 1968 في الموسوعة العالمية، ويُعرفها قاموس لاروس الصغير سنة 1966 بكيفية عامة جدًا: ‘موقف أولئك الذين يرفضون تكييف عقيدة مع الظروف الجديدة’»(11)، وفي سنة 1984 عرفها لاروس الكبير بشكل أكثر شمولًا: «داخل حركة دينيّة [الأصولية] موقف جمود وتصلب معارض لكل نمو أو لكل تطوّر»(12).

إذن، هناك حسب غارودي بناءً على هذه التعريفات مجموعة من المكونات الأساسية للأصولية: «أولًّا: الجموديّة، رفض التكيف، جمود معارض لكل نمو، لكل تطور؛ ثانيًّا: العودة إلى الماضي (الانتساب إلى التراث إلى المحافظة)؛ وثالثًا: عدم التسامح، الانغلاق، التحجر المذهبي: تصلب، كفاح، عناد». حرفيًا، يمكن للأصولية على هذا النحو أن تضع نفسها كجمودية في مواجهة التطور، كتراث في مواجهة الحداثة، كتحجر مذهبي في مواجهة الحياد، بكلمة، يمكن للأصولية أن تكون نقيض العلمانية»(13).

إن لفظ «الأصول» لفظ إسلاميّ كما هو معروف في عِلمَي أصول الدين وأصول الفقه؛ «والأصوليّة الإسلاميّة بهذا المعنى، تعني البحث عن الأساس أو الشريعة، وتحاول صوغها وتحقيقها، وتؤسس النظام الإسلاميّ وتدافع عنه بصرف النظر، عن النظم القائمة وإنجازاتها، وهي تعتمد على بحث شرعي وليس على تحليل واقعي، وتقوم على فكرة مبدئية وليس على ضرورة علمية، وتستعمل منهجًا استنباطيًّا يقوم على تأويل النصوص، وليس منهجًا استقرائيًّا يعتمد على رصد الوقائع وحصرها. لا تعني الأصولية الإسلاميّة بالضرورة المحافظة والتخلف ومعاداة المدنية الحديثة. فهناك إصلاحيون تقدميون يأخذون بوسائل التقدم وأساليب النهضة الحديثة، كما لا تعني التعصب وضيق الأفق ورفض الحوار والانغلاق على الذات»(14).

يميِّز عالِم الإسلاميّات محمد أركون (1928-2010) بين «الأصولية» و«الأصولوية»(15). إذ يرى أن التيارات الأصولية تنتمي إلى فكر يحترم النقد والأطروحات الفكرية والتحليليّة العلمية(16)؛ أما التيارات الأصولوية، قاصدًا بذلك الإسلامويّة، فتجهل وسائل تفسير القرآن، وتمتاز بصفتين، الأولى: أنها قد انفصلت عن العقل الإسلاميّ في عصور الاجتهاد؛ والثانية: ابتعادها عن المؤلفات الكبرى التي جاءت في العصر الذهبي في العالم الإسلاميّ العربي. فالمسلم الأصولوي لا يقرأ ما كتبه ابن رشد (1126-1198)، وإذا قرأه فسينكره ويقول: إنه غير إسلاميّ، ويحكم عليه بأنه غير مسلم مع أن ابن رشد كان قاضي القضاة في قرطبة.

يكشف التعريف المقدم من أركون بوضوح تام التمايز والاختلاف بين الأصولية الإسلاميّة والأصولوية، أي «الإسلامويّة» Islamism. أقترح أن هذا المصطلح أقرب لفهم «الإسلامويّين» الذين وظفوا الدين للاستيلاء على السلطة، ولجؤوا إلى العنف لتنفيذ أهدافهم، واتخذوا مواقف حادة وإقصائية إزاء العقل الاجتهادي في المدونة التراثية الإسلاميّة.

ينبغي التمييز بين الإسلام بوصفه دينًا والإسلامويّة بوصفها حركة أيديولوجية سياسيّة عنفية، توظف الدين لأغراضها الاجتماعية والسياسيّة، وخصوصًا لأغراض الاستيلاء على السلطة. في هذا السياق، يفرق عالم الاجتماع اللبناني خليل أحمد خليل في مُلحق الموسوعة السياسيّة بين «الإسلاميّ» بوصفه سلوكًا سويًا للمُسلم المؤمن المتدين، وبين «الإسلامويّ» بوصفه تعبيرًا عن استعمال الدين كسياسة(17).

تدل «الإسلامويّة» منذ عام 1970 على التيارات الأكثر تطرفًا وعنفًا في الإسلام المعاصر التي تريد أن تجعل من الدين الإسلاميّ، أكثر من ديانة في جوهرها، تريد أن تتخذه سلاحًا أيديولوجيًا سياسيًا لاجتذاب الجمهور العربي أو الإسلاميّ المتخبط بين الأديان والسياسات، ولهذا تنزع الحركات والجماعات والتيارات الإسلامويّة إلى المُناداة بالتطبيق الصارم للشريعة، وإلى إنشاء دولة إسلاميّة ثورية(18).

يشير أستاذ العلوم السياسيّة السوري- الألماني بسام طيبي إلى أن الإسلام نظام أخلاقي وعقيدة؛ وبمعنى آخر: إنه «ديانة ذات مبادئ سماوية»، بينما الإسلامويّة «مفهوم سياسي ذو نظام محدد»(19). أي، وفقًا لصاحب Islamism and Islamا (2012)، الإسلام ديانة أما الإسلامويّة فهي سياسة متأثرة بالدين(20). يضيف موضحًا موقفه أن تسييس الإسلام هو الذي ولّد الإسلامويّة، وهذا التسييس الذي تجسد في الحركات الإسلامويّة المعاصرة -وخصوصًا الجماعات الإرهابية التكفيرية منها مثل تنظيم داعش- لم يسبق له مثيل في التاريخ الإسلاميّ(21).

يرى الباحث الفرنسي جيل كيبيل Gilles Kepel أنّ الإسلامويّة هي في الأصل حركة سياسيّة وليست دينيّة(22). إن جوهرها هو نظام سياسي يُطلق عليه الإسلامويّون، أنفسهم، مصطلح «الحاكميّة لله» وهو بطبيعته غير متوائم مع نظام علماني ديموقراطي من إنتاج البشر(23).

ظهرت كلمة «الإسلامويّة»(24) لأول مرة في اللغة الفرنسية منتصف القرن الثامن عشر، وأول من صاغها الفيلسوف الفرنسي فولتير Voltaireا (1694-1778)، مرادفة لـ«المحمدية» Mahométisme؛ أي الإسلام(25). يُشار إلى أن المستشرق الفرنسي إرنست رينان Ernest Renan استخدمها في مُحاضرة له ألقاها عام 1883 تحت عنوان «L’islamisme et la science»(26). في حين، استخدم باحثون آخرون مُرادفات أخرى من قبيل: «الإسلام النشط» Activist Islam، كما فعل سعد الدين إبراهيم(27) و«القتالية الإسلاميّة» Islamic Militancy كما فعلت أماندا هيبر Amanda Hiberا(28).

يلفت الباحث الأميركي مارتن كريمر Martin Kramer إلى أنَّ مُصطلح «الإسلامويّة» انتقل إلى العالم الناطق بالإنجليزية من فرنسا، أواخر عقد السبعينيّات وأوائل عقد الثمانينيّات من القرن العشرين، خصوصًا بعد محاولة الباحثين الفرنسيين التعاطي مع المآلات الدولية للثورة الإيرانية التي تفجرت عام 1979. كان كيبيل من أوائل الذين استخدموه باللغة الإنجليزية، في الترجمة الإنجليزية لكتابه الموسوم النبي والفرعون Le Prophète et le Pharaonا(29).

جدير بالإشارة إلى أنَّ كريمر أصدر عام 2001 كتابًا حمل عنوان أبراج عاجية على الرمال: فشل الدراسات الشرق أوسطية في الولايات المتحدة(30)، حذَّر فيه بشكل مُختزل وأحادي، مما أسماه نفوذ أيديولوجيا ما بعد الاستعمار التي روّج لها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد (1935-2003)، متحدثًا عن تأثيره في الدراسات الشرق أوسطية. وقد أفرده بفصل كامل تحت عنوان «لطخة/ بقعة سعيد» Said’s Splash، حيث قدم نقدًا لأفكاره خصوصًا تلك المتعلقة بالاستشراق، لأنه رأى أن أساتذة دراسات الشرق الأوسط فشلوا في تنبيه الولايات المتحدة إلى خطورة من يُسمِّيهم الراديكاليين المسلمين، ويرجع ذلك إلى أنهم واقعون تحت تأثير سعيد، وكتابه الاستشراق (1978).

يعبر مصطلح الإسلامويّة بشكل دقيق عن جماعة الإخوان المسلمين بكل فروعها -وجماعات العنف الأخرى- فهي لا تتوانى أبدًا عن استخدام العنف المُسلح في خدمة أهدافها السياسيّة. إن تجاربها في مصر وصدامها الدائم مع الدولة وأهدافها العدة في التمكين، تبرهن على أن العنف أساس من أسس مكوناتها الأيديولوجية والعملية، فهي غالبًا ما تتبنى خطابًا متمردًا ضد الدولة وترفض الحداثة، ولا تحترم الحدود الوطنية، وتتعامل بفوقية دينيّة مع الأقليات، وتدعو إلى الدولة الدينيّة والحاكميّة، على الرغم من أن تصورهم عن هذه الدولة يُخالف طبيعة الإسلام(31). فكيف يمكن لجماعة إسلامويّة توظف الدين في معركة السياسة، وترفض المساواة الكاملة بين الجنسين، ويدعو منظروها إلى تطبيق الحدود والشريعة، وتبني نفوذًا اجتماعيًّا عبر المؤسسات لتأسيس دولة موازية، ألَّا توصف بأنها جماعة انقلابية أيديولوجية متطرفة؟ هنا أطرح خلاصة وائل حلاق الواردة في كتابه الدولة المستحيلة مع تعقيب بصيغة سؤال عليها؛ قبل الانتقال إلى مصطلح «الجاهليّة» كما أسس له سيد قطب، أخطر المنظرين الإسلامويّين في التاريخ المعاصر.

يقول حلاق: «إنَّ الأشكال الحديثة للعولمة ووضع الدولة في هذه الأشكال متعاظمة القوة، يكفيان لجعل أي صورة من الحكم الإسلاميّ إما أمرًا مستحيل التحقق، وإما غير قابل للاستمرار على المدى البعيد، هذا إن أمكن قيامه أصلًا»(32).

مع اتفاقي مع الخطوط العريضة المهمة لهذه الخلاصة، ولكن ألا يمكن لأشكال ماضوية من الأنظمة الدينيّة أن تتعايش مع ضغوط العولمة لفترات طويلة أكثر مما نظن وتأخذ منها؟ إن العلاقة الغامضة بين السياسي والديني في الإسلام الكلاسيكي والمعاصر تلزمنا بفتح مسارات جديدة في التفكير. أحيل هنا على كتاب الباحث الإيراني أنوش غانجبور Anoush Ganjipour الصادر بالفرنسية L’ambivalence politique de l’islamا(33).

لن أدخل في التعريفات الأخرى المرتبطة ببقية الحركات التي من بينها: السلفية الدعوية والسلفية العلمية والسلفية الجهادية، ولكن أُقر بحجم التعقيدات المرتبطة بها على مستوى التقاطعات بين العنف الرمزي والقتالي وكذلك السياق الدلالي. في المقابل، تشكل الأيديولوجية العنفية والإقصائية طبقة أساسية لديها جميعًا، مع اختلاف الدرجة، بين العنف الديني اللفظي والعنف المسلح.

تنمو هذه الجماعات على أرضية واحدة. ومشكلتها الأساسية، كما هو الحال مع السلفيات الساكنة أو الدعوية، أنها تعاند الحداثة بقوة بدعوى الحفاظ على الدين، فتتخذ قالبًا دعويًا طوباويًا يريد العودة إلى الأصول الأولى، أي الإسلام الأول، وتحثّ أتباعها على أن يكونوا «فائقي الإسلام» و«فائقي التدين»، أي أن يكونوا أكثر إسلامًا، فتبني الفرد على أن يصبح أنموذج «المسلم الأعلى» الذي كتب عنه المحلل النفسي فتحي بن سلامة في كتابه رغبة عارمة في التضحية: المسلم الأعلى(34)، وهنا أُشير إلى ما قاله سيد قطب في معالم في الطريق، حين تحدث عن «الشعور الأعلى» الذي يجب أن يشعر به المسلم في مواجهة العالم المادي، والذي وصل إلى أقصاه في تنظيره الأخطر حول «استعلاء الإيمان»(35).

ثانيًا: نقد مصطلح «الجاهليّة» القطبي

يُعد كتاب معالم في الطريق من أهم كتب سيد قطب وأشدها تطرفًا، ويشكِّل مرجعًا رئيسًا لتنظيمات إرهابيّة عدة، مثل تنظيم القاعدة -كما ذكرنا أعلاه-، كما أنه من المنظرين الذين تركوا تأثيرًا كبيرًا على دعاة الإسلام السياسي.

عُرف في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية، أنَّ كثرة استعمال مفهوم ما لا تُفيد بالضرورة وضوح معناه، أو الاتفاق حول مجالات استعماله، وهذا ينطبق على عدد كبير من المفاهيم التي تداولتها الجماعات الإسلامويّة، فبالرغم مما شهدته مفاهيم مثل: «الجاهليّة» و«الحاكميّة» و«الشريعة» و«التجديد» و«الاجتهاد»، من تضخُّمٍ مُفرطٍ في لغة منظّري الإسلام السياسيّ، فإنّ تلك الكلمات ما زالت تفتقد التحديد والتمايز، ويعتريها الكثير من الغموض والالتباس(36).

شكَّل مُصطلح «الجاهليّة» كما فهِمه سيد قطب، أهم المصطلحات في «المعجم الإسلامويّ»، سبقه إليه؛ من الناحية الدلالية، أبو الأعلى المودودي (1903-1979)، مُؤسس «الجماعة الإسلاميّة» في باكستان، واصفًا به الحضارة الغربية المعاصرة، في حين أنّ سيد قطب وظّفه حتى حدوده القصوى وبنى عليه أيديولوجيا عنفية هائلة، قسّم فيها العالم إلى دار كفر ودار إسلام، ووضع كل المجتمعات المعاصرة ومن بينها المجتمعات الإسلاميّة في الجاهليّة.

ما المقصود بمصطلح الجاهليّة عند سيد قطب؟ يقول: «إنَّ قيادة الرجل الغربي للبشرية قد أوشكت على الزوال (...) لا لأن الحضارة الغربية قد أفلست ماديًا أو ضعُفت من ناحية القوة الاقتصادية والعسكرية. ولكن لأن النظام الغربي قد انتهى دوره لأنه لم يعد يملك رصيدًا من القيم، يسمح له بالقيادة (...) والإسلام -وحده- هو الذي يملك تلك القيم وهذا المنهج (...) لقد أدت النهضة العلمية دورها منذ عصر النهضة في القرن السادس عشر الميلادي (...) وأدت القومية والوطنية التي برزت بتلك الفترة، والتجمعات الإقليمية عامة دورها خلال هذه القرون ولم تعد تملك رصيدًا جديدًا (...) ولا بد من إعادة وجود هذه الأمة لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى»(37).

ويقول أيضا: «إنَّ العالم يعيش اليوم كله في جاهليّة من ناحية الأصل الذي تنبثق منه مقومات الحياة وأنظمتها. جاهليّة لا تخفف منها شيئًا هذه التيسيرات المادية الهائلة، وهذا الإبداع المادي الفائق! هذه الجاهليّة تقوم على أساس الاعتداء على سلطان الله على الأرض، وعلى أخص خصائص الألوهية، وهي الحاكميّة، إنها تسند الحاكميّة إلى البشر، فتجعل بعضهم لبعض أربابًا، لا في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهليّة الأولى، ولكن في صورة ادعاء حق وضع التصورات والقيم، والشرائع والقوانين، والأنظمة والأوضاع (...) وفي هذا يتفرد المنهج الإسلاميّ، فالناس في نظام غير النظام الإسلاميّ، يعبد بعضهم بعضًا -في صورة من الصور- وفي المنهج الإسلاميّ وحده يتحرر الناس جميعًا من عبادة بعضهم بعضًا، بعبادة الله وحده (...) والخضوع لله وحده»(38).

يُشير قطب إلى عملية «البعث الإسلاميّ» التي سوف تبدأ بمحاربة الجاهليّة وإحلال حاكميّة الله من خلال: «طليعة تعزم هذه العزمة وتمضي في الطريق. تمضي في خضم الجاهليّة ضاربة الأطناب في أرجاء الأرض جميعًا، تمضي وهي تُزاول نوعًا من العزلة من جانب، ونوعًا من الاتصال من الجانب الآخر بالجاهليّة المحيطة (...) ولا بد لهذه الطليعة التي تعزم هذه العزمة من معالم في الطريق، معالم تعرف منها طبيعة دورها [التي سماها قطب بالطليعة القرآنية أو الجيل القرآني] وحقيقة وظيفتها (...) هذه المعالم لا بد أن تُقام من المصدر الأول لهذه العقيدة: القرآن ومن توجيهاته الأساسية، ومن التصور الذي أنشأه في نفوس الصفوة المختارة»(39).

وضع قطب في تفسيره هذا، القرآن في مواجهة العالم، وعلى رأسهم المسلمين، باستثناء هذه الطليعة المناط بها دور تطهير الأرض من الجاهليّة التي تحيط بها. إن قطيعة قطب الصلبة مع المدونة التراثية والحضارة الإسلاميّة دفعه لوضع القرآن في مواجهة العالم. وهنا يطرح السؤال الآتي: هل وضع قطب نفسه أحيانًا فوق القرآن، أي انقلب عليه وعلى معانيه ومقاصده وسياقات نزوله؟ إنَّ القراءة السريعة تبين أن قطبًا عطل المقاصد الأساسية للقرآن، وعطل أحقية الاجتهاد، وأقام تفسيرًا عنفيًا بدعوى محاربة الجاهليّة، وهنا نجده حين يتحدث عن الجهاد في الإسلام، ولكن ضمن المنهج الإسلامويّ الحركي الذي تنفذه الطليعة، يجترح ما يطلق عليه «الجاهليّة الاعتقادية»، وهي -حسب قطب- «تقوم عليها أنظمة واقعية عملية تسندها سلطات ذات قوة مادية، ومن ثم تواجه الحركة الإسلاميّة هذا الواقع كله بما يكافئه»(40)، وذلك عبر السمة الثانية للنهج القطبي وهي «الواقعية الحركية» الهادفة إلى «إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعًا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد»(41).

يتسم خطاب قطب بـ«نرجسية الواحدية الدينيّة»، لا سيما في تفسيره المتطرف لـ«استعلاء الإيمان». يُعد كتابه في ظلال القرآن بمجلداته الستة، أكثر أعماله تشددًا، فهو يدفع إلى الغضب الديني الثوري، والخطير أن الغالبية الكبرى «من الجماعات التي تأثرت به، أخذت كل ما كتبه قطب، على أنه قرآن منزل أو أحكام فقهية أو عقدية متفق عليها أو مجمع عليها»(42).

إن المجتمعات الجاهليّة المعاصرة تُجبر المسلم على اعتزال العالم والانضمام إلى الجماعة القطبية الممثلة دون غيرها للإسلام. يقول قطب: «لا نجاة للعصبة المسلمة في كل أرض من أن يقع عليها العذاب، إلا بأن تنفصل عقديًّا وشعوريًّا ومنهج حياة عن أهل الجاهليّة من قومها، حتى يأذن الله لها بقيام دار إسلام تعتصم بها»(43). لا يستثني قطب عن تلك الحالة الانفصالية «المسجد»، فمساجد المسلمين لا تختلف عن معابد الجاهليّة: «يرشدنا الله إلى اعتزال معابد الجاهليّة، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحسّ فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهليّ، وتزاول فيها عبادتها لربها على نهج صحيح، وتزاول بالعبادة ذاتها نوعًا من التنظيم في جو العبادة الطهور»(44).

لا يستند تنظير قطب عن الجاهليّة إلى أي دال أو معنى قرآني. انقلب على القرآن نفسه، وأسس لخطاب ثوري عنيف، أفادت منه الحركات المتطرفة والمنظِّرون الإسلامويّون. تأثر رجال دين عدة، سنة وشيعة، به، وعرفوا كتبه وقرؤوها، يقول الأكاديمي سعود المولى: «وقد حدثني الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين مرات عدة عن تأثره هو وأبناء جيله، أثناء مرحلة الدراسة في النجف، بمقالات سيد قطب في مجلة الرسالة وخصوصًا رسائله إلى أصدقائه، التي نُشرت بين عامي 1949-1951. ثم بكتاباته المنشورة بعد ذلك، ولعلنا نلحظ بوضوح أثر سيد قطب ورؤيته الحضارية للمسألة الإسلاميّة في مقالات وكتب الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والسيد الشهيد محمد باقر الصدر، والسيد محمد حسين فضل الله وغيرهم، ممن درسوا في النجف في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وهم جميعًا كتبوا عن الحضارة الغربية وعن المادية في مواجهة الحضارة الإسلاميّة»(45). على أني أسجل ملاحظتين على قراءة المولى لقطب، الأولى: خطابه التعاطفي الكبير معه، والثانية: تضخم دراسته لقطب الأديب على حساب قطب المتطرف والعنيف، دون أن يتضح بشكل واضح موقفه منه، فيضيع النص بين الاقتباسات وواضعه.

إن مادة «جاهليّة» في لغة العرب، «المراد بها الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام من الأنفة والغضب والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبّر. وهذا يتعارض مع المفهوم الذي أسس له قطب وروّجته جماعات الإسلام السياسي أو الإسلامويّة، فالجاهليّة في مجتمع العرب قبل الإسلام يُراد بها الخضوع لسلطة الانفعال، فهي في دلالتها اللغوية ليست من الجَهْل الذي هو ضد العلم، بل من الجهل المضاد للحلم، فالجهْل تعبير عن الغضب، وليس أدلّ على ذلك من قول الشاعر عمرو بن كلثوم (ت. 584 م) صاحب المعلقة الخامسة:

أَلاَ لاَ يَجْهَلَـنْ أَحَـدٌ عَلَيْنَـا ❊ ❊ ❊ فَنَجْهَـلَ فَوْقَ جَهْلِ الجاهليّنَـا

وبهذا المعنى جاءت كلمة «جاهليّة» في مواضع عدة(46) في القرآن الكريم، هي مجمل المواضع التي اُستخدمت فيها بهذا المعنى، كما ورد في سورة الأنعام (6: 35): ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهليّنَ﴾.

يلاحظ أن كلمة الجاهليّة وردت في القرآن في سياقات عدة من بينها: الجاهليّة الزمنية والجاهليّة الاعتقادية والجاهليّة السلوكية. من الناحية الزمنية «اختلف المفسرون وشراح الأحاديث في الفترة الزمنية التي أطلق عليها القرآن في آية سورة الأحزاب ‘الجاهليّة الأولى’، فمن قائل إنها بين آدم ونوح أو بين نوح وإبراهيم أو بين عيسى وموسى واختار ابن جرير الطبري أنها ما بين آدم وعيسى. كما اختلفوا في تحديد ضابط آخرها هل هو بعثة النبي أم فتح مكة. المعنى الأول أن الجاهليّة كنظام قد انتهت من جزيرة العرب بفتح مكة، وكزمان مطلقًا فقد انتهت بعد بعثة النبي (...) أما المعنى الثاني الذي استعملته السنة للفظ فقد كان لوصف الحال التي قد يكون عليها فرد أو جماعة من اتصاف بقيم الجاهليّة، وسلوكياتها وأخلاقها، فمن ذلك ما يروى عن عبدالله بن مسعود، قال: قال رسول الله: ‘ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجاهليّةِ’»(47).

الخاتمة

يُساعدنا تحديد المصطلحات بدقة على فهم أعمق للظواهر التاريخية والنصوص المرتبطة بها والمنتجة لها في كل العلوم الاجتماعية والإنسانية. على المهتمين بالظاهرة الإسلامويّة توخي الدقة في دراساتهم عند قراءة طبقات النصوص أو الأدبيات التي وضعها المنظرون الإسلامويّون، من أجل فهم أعمق.

لم تتمكن جماعات إسلامويّة عدة من تجاوز سيد قطب، كان أثره عليها هائلًا، ليس على مستوى النص ومقولات الجاهليّة والحاكميّة، وما ترتب عليهما من عنف حركي ورمزي فحسب، ولكن على مستوى أثره الشخصي على الإسلامويّين بفئاتهم كافة، من الإسلامويّة الشيعية إلى الإسلامويّة السنية وعلى رأسها حركة طالبان، التي استقت المفاهيم القطبية(48). لقد هالهم النص القطبي وقدرته الأدبية المدججة بالعنف الإبداعي. والجدير بالذكر أن خامنئي نقل معالم في الطريق إلى الفارسية ونظر إلى قطب بوصفه شهيدًا، وطبعت الثورة الإيرانية طوابع تحمل اسمه.

وقف قطب في وجه التطور التاريخي، وهو لم يكفر المسلمين وحدهم ويصف مجتمعاتهم بالجاهليّة، بل وقف في وجه العالم كله، داعيًا إلى مجتمع انعزالي عنيف محكوم من سلطة إلهية أبوية عُليا قائمة على تفسيره المتطرف للإسلام، وقد أوقف الزمن التأويلي القرآني عند تفسيراته الانشقاقية عليه، معطلًا شروطه الاستقرائية وسياقاته التاريخية؛ ولعل قوله في «استعلاء الإيمان» شكل أحد أكثر «المفاهيم القطبية» تطرفًا وعنفًا أفادت منه الجماعات الإسلامويّة في قتل المخالف أو الآخر. ومن ثم، فمن الضروري الحذر في التعامل مع الظاهرة الإسلامويّة وطبقاتها ومخاطرها على الدولة الوطنيّة أولًا وعلى الإسلام التقليدي ثانيًا؛ دون إغفال ازدواجية الخطاب الذي يُروِّجه الإسلامويّون، إذ يتحدثون إلى الغرب بلغة حديثة وبراغماتية، وإلى المجتمعات التي أتوا منها بلغة أخرى متطرفة ومراوغة.

قائمة المراجع

البدوي، أيمن وآخرون. القاعدة: 1- التشكل. الكتاب 24. دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، ديسمبر/ كانون الأول، 2008.

بينارد، شيريل وآخرون. بناء شبكات الاعتدال الإسلاميّ. ترجمة: إبراهيم عوض. القاهرة: تنوير، 2015

جعفر، هشام. منهج النظر إلى مفهوم الجاهليّة. الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية، 2013.

حلاق، وائل. الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي. ترجمة: عمرو عثمان. بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014.

حنفي، حسن. الحركات الإسلاميّة في مصر. القاهرة: المؤسسة الإسلاميّة للنشر، 1986.

خليل، خليل أحمد. ملحق الموسوعة السياسيّة. بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2004.

السيد، رضوان. أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسي. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2015.

الشويري، يوسف. الأصولية الإسلاميّة: حركات الإحياء والإصلاح والتطرف. ط 2. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2020.

عواد، صلاح. «محمد أركون بعد أن قدم مشروعه في الأمم المتحدة يقول لـ‘الشرق الأوسط’: التيار المواجه لـ ‘الأصولوية’ آيديولوجي ولا نثق به علمياً». جريدة الشرق الأوسط. 23/05/2007، العدد 10403، شوهد في: 15/10/2022، على: https://bit.ly/3YwZCvy

غارودي، روجيه. الأصوليات المعاصرة. ترجمة: خليل أحمد خليل. بيروت: دار عويدات، 1992.

فرج، ريتا. «وحدانية التسلط في العالم العربي: البنى والآليات». في: عبد الجواد ياسين وآخرون. الدولة في التنظير العربي والإسلاميّ: التأصيل والتحديات. الكتاب 129. دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، سبتمبر/ أيلول، 2017.

فرزام، نور الهدا. «تأثير حاكميّة المودودي وقطب في منهج التكفير الطالباني». في: نور الهدا فرزام وآخرون. طالبان المتحوِّرة: محاضن التطرف وسؤال التحولات. كتاب 177. دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، سبتمبر/ أيلول 2021)، ص 13-34.

قطب، سيد. في ظلال القرآن. القاهرة: دار الشروق، 1972.

قطب، سيد. معالم في الطريق. ط 6. القاهرة: دار الشروق، 1979.

المولى، سعود. الإخوان وسيد قطب. القاهرة: دار المشرق، 2017.

ناجح، إبراهيم. «خمسة أسباب وراء تحول ظلال سيد قطب لنشر العنف والتكفير». جريدة الشروق. 03/08/2018، شوهد في: 15/10/2022، على: https://bit.ly/3Wb5Jnq

هيكل، عبد الباسط سلامة. «الاحتيال الدلالي في خطاب جماعات الإسلام السياسي». في: عبد الباسط سلامة هيكل وآخرون. مصادر الإسلامويّين: جذور الصناعة الحركية. كتاب 175. دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، يوليو 2021.

Bar-On, Tamir. “‘Islamofascism’: Four Competing Discourses on the Islamism-Fascism Comparison”. Fascism. vol. 7, no. 2 (2018), p. 241-274;

Benard, Cheryl. Civil Democratic Islam: Partners, Resources, and Strategies. Santa Monica, CA: Rand, 2003. accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3HLaboG

Benslama, Fethi. Un furieux désir de sacrifice: Le Surmusulman. Paris: Seuil, 2016.

Bernard, Cheryl et al.. Building Moderate Muslim Networks. Santa Monica, CA: Rand, 2007. accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3G0qpcf

Clément, Jean-Paul. “L’islamisme Et La Science Par Ernest Renan”. Revue des deux mondes (Décembre 2018-Janvier 2019), p. 115-118, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3uWLuOr

Étienne, Bruno. “L’islamisme comme idéologie et comme force politique”. Cités. no. 14 (2003/2), p. 45-55.

Ganjipour, Anoush. L’ambivalence politique de l’Islam: Pasteur ou Leviathan?. Paris: Seuil, 2021.

Hamzawy, Amr. “The Key to Arab Reform: Moderate Islamists”. Carnegie Endowment for International Peace. 26/07/2005, accessed on 30/10/2022, at: https://bit.ly/3WrkqCQ

Hiber, Amanda. Islamic militancy. Detroit: Greenhaven Press, 2009.

Ibrahim, Saad Eddin. “Egypt’s Islamic Activism in the 1980s”. Third World Quarterly. vol. 10, no. 2, Islam & Politics (Apr., 1988), p. 632-657.

Kepel, Gilles. Jihad: The trail of political Islam. London: I.B. Tauris, 2006.

Kepel, Gilles. Le Prophète et le Pharaon: Aux sources des mouvements islamistes. Paris: Le Seuil, 1984.

Kepel, Gilles. Muslim Extremism in Egypt: The Prophet and Pharaoh (Berkeley: University of California Press, 1985).

Kramer, Martin. “Coming to Terms: Fundamentalists or Islamists?”. Middle East Quarterly (Spring 2003), p. 65-77, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3W72LAw

Kramer, Martin. Ivory towers on sand: The failure of Middle Eastern studies in American. Washington, DC: Washington Institute for near east policy, 2004.

Rabasa, Angel M. et al.. The Muslim World After 9/11. Santa Monica, CA: Rand, 2004. accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3hwR32X

Renan, Ernest. “Ernest Renan, L’islamisme et la science, 1883”. Culture d’Islam. accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3G0GMpl

Tibi, Bassam. “Islamism, Peace and the Maghrib”. Sixteenth Annual George A. Kaller Lecture, 12/01/2000, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3jblfkO

Tibi, Bassam. Islamism and Islam. New Haven: Yale University Press, 2012.


1 من بين مراكز الأبحاث الأميركية التي قالت بـ «الإسلامويّة المعتدلة» نشير إلى مؤسسة كارنيغي، يُنظر:

Amr Hamzawy, “The Key to Arab Reform: Moderate Islamists”, Carnegie Endowment for International Peace, 26/07/2005, accessed on 30/10/2022, at: https://bit.ly/3WrkqCQ

2 شكلت روافد عدة الرؤى الفكرية للأفغان العرب، التي قادها عبدالله عزام المتأثر بسيد قطب، وقد استمدوها من مصادر مختلفة، تعود جذورها إلى قراءات وتفسيرات لابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن حنبل؛ ومن المعاصرين تأثروا بقطب وأبي الأعلى المودودي. وخلال قتالهم في أفغانستان إبان الحرب السوفياتيةالأفغانية حملوا على عاتقهم تجسيد شعارات قطب حول «الطليعة المؤمنة» المقاتلة. يعتبر تنظيم القاعدة، المنبثق عن حركة الأفغان العرب، أنَّ سيد قطب من مرجعياته الفكرية، ويتضح ذلك بقوة في كتاب أيمن الظواهري الحصاد المر: الإخوان المسلمون في سبعين عامًا، يُنظر: أيمن البدوي وآخرون، القاعدة: 1- التشكل، الكتاب 24 (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، ديسمبر/ كانون الأول، 2008).

3 Cheryl Benard, Civil Democratic Islam: Partners, Resources, and Strategies (Santa Monica, CA: Rand, 2003), accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3HLaboG

4 Angel M. Rabasa et al., The Muslim World After 9/11 (Santa Monica, CA: Rand, 2004), accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3hwR32X

5 يُنظر: ريتا فرج، «وحدانية التسلط في العالم العربي: البنى والآليات»، في: عبد الجواد ياسين وآخرون، الدولة في التنظير العربي والإسلاميّ: التأصيل والتحديات، الكتاب 129 (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، سبتمبر/ أيلول، 2017)، ص 251-274.

6 ورد في ترجمة تقرير راند كلمة «الإسلاميّين»، وأبقينا عليها كما هي للأمانة العلمية، في حين نرى أنَّ مصطلح «الإسلامويّين» أنسب لتوصيف الظاهرة، وسيأتي توضيح ذلك لاحقا.

7 شيريل بينارد وآخرون، بناء شبكات الاعتدال الإسلاميّ، ترجمة: إبراهيم عوض (القاهرة: تنويير، 2015)، ص 119؛ للاطلاع على التقرير بلغته الأصلية، يُنظر:

Cheryl Bernard et al., Building Moderate Muslim Networks (Santa Monica, CA: Rand, 2007), accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3G0qpcf

8 تتعامل الدول الأوروبية بحذر ومرونة في الآن نفسه مع الإخوان المسلمين، لاعتبارات عدة؛ لعل أبرزها النظر إلى الجماعة كحزب في العملية الديمقراطية، وتاليًا فإن موقفها منها يختلف عن موقف عدد من الدول العربية التي أدرجتها على لائحة الإرهاب بعد تجاربها الصعبة معها، بسبب عنف الجماعة وانقلابها على الدولة وعدم احترامها للحدود الوطنية. لكنْ ثمة وعي أوروبي بدأ يدرك مخاطرها، وهذا ما فعلته النمسا حين حظر البرلمان في يوليو/ تموز 2021 جماعة الإخوان المسلمين ومنعهم من ممارسة أي عمل سياسي في البلاد.

9 يُنظر: يوسف الشويري، الأصولية الإسلاميّة: حركات الإحياء والإصلاح والتطرف، ط 2 (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2020ص 256.

10 Cf.: Henry Munson, “Fundamentalism”, in: Encyclopedia Britannica, 26/11/2019, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3BEigaH

11 روجيه غارودي، الأصوليات المعاصرة، ترجمة: خليل أحمد خليل (بيروت: دار عويدات، 1992)، ص 13.

12 المرجع نفسه.

13 المرجع نفسه.

14 حسن حنفي، الحركات الإسلاميّة في مصر (القاهرة: المؤسسة الإسلاميّة للنشر، 1986)، ص 13.

15 المرجع نفسه.

16 يوضح أركون مقصده بالعلمية وشروطها وأدواتها التي من بينها: «النحوية التحليلية للقرآن. وأما التيارات الأصولوية، فهي تجهل هذا، وتجهل -على سبيل المثال- وسائل التفسير للقرآن الكريم، وأولاها اللغة العربية وعلم اللغة العربية، وعلم البلاغة، والأسلوب العربي، وما يتعلق بالاستعارة -مثلًا- في اللغة العربية. وثاني هذه الوسائل هو تاريخ اللغة العربية، حتى لا نخلط بين الخطاب القرآني، والمعجم العربي في القرون الثاني والثالث والرابع الهجري، أي في الفترة التي اغتنى فيها المعجم بجميع العلوم التي أتى بها العلماء بعد ظهور الإسلام»، يُنظر: صلاح عواد، «محمد أركون بعد أن قدم مشروعه في الأمم المتحدة يقول لـ‘الشرق الأوسط’: التيار المواجه لـ ‘الأصولوية’ آيديولوجي ولا نثق به علمياً»، جريدة الشرق الأوسط، 23/05/2007، العدد 10403، شوهد في: 15/10/2022، على: https://bit.ly/3YwZCvy

17 يُنظر: خليل أحمد خليل، ملحق الموسوعة السياسيّة (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2004).

18 المرجع نفسه، ص 40.

19 نقلًا عن تمير بارون في دراسته:

Tamir Bar-On, “‘Islamofascism’: Four Competing Discourses on the Islamism-Fascism Comparison”, Fascism, vol. 7, no. 2 (2018), p. 241-274;

يُنظر أيضا:

Bassam Tibi, “Islamism, Peace and the Maghrib”, Sixteenth Annual George A. Kaller Lecture, 12/01/2000, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3jblfkO

20 Bassam Tibi, Islamism and Islam (New Haven: Yale University Press, 2012), p. 1.

21 Ibid., p. 3.

22 Gilles Kepel, Jihad: The trail of political Islam (London: I.B. Tauris, 2006).

23 Tibi, Islamism and Islam, p. 3.

24 من المهم التأكيد أن الكلمات والمصطلحات حسب تطور استخدامها يختلف معناها ودلالتها عبر التاريخ والتطور الفكري حولها وسجاله، فيمكن الحديث عن المصطلح وظلاله وحوافه.

25 Cf.: Martin Kramer, “Coming to Terms: Fundamentalists or Islamists?”, Middle East Quarterly (Spring 2003), p. 65-77, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3W72LAw; Bruno Étienne, “L’islamisme comme idéologie et comme force politique”, Cités, no. 14 (2003/2), p. 45-55.

26 Jean-Paul Clément, “L’islamisme Et La Science Par Ernest Renan”, Revue des deux mondes (Décembre 2018-Janvier 2019), accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3uWLuOr;

لقراءة المحاضرة في نصها الكامل يُنظر:

“Ernest Renan, L’islamisme et la science, 1883”, Culture d’Islam, accessed on 15/10/2022, at: https://bit.ly/3G0GMpl

27 Saad Eddin Ibrahim, “Egypt›s Islamic Activism in the 1980s”, Third World Quarterly, vol. 10, no. 2, Islam & Politics (Apr., 1988), p. 632-657.

28 Amanda Hiber, Islamic militancy (Detroit: Greenhaven Press, 2009).

29 Cf.: Gilles Kepel, Le Prophète et le Pharaon: Aux sources des mouvements islamistes (Paris: Le Seuil, 1984) ;

تُرجم الكتاب إلى الإنجليزية بالعنوان الآتي:

Muslim Extremism in Egypt: The Prophet and Pharaoh (Berkeley: University of California Press, 1985).

30 Martin Kramer, Ivory towers on sand: The failure of Middle Eastern studies in American (Washington, DC: Washington Institute for near east policy, 2004), p. 27-28.

31 رضوان السيد، أزمنة التغيير: الدين والدولة والإسلام السياسي (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 2015).

32 وائل حلاق، الدولة المستحيلة: الإسلام والسياسة ومأزق الحداثة الأخلاقي، ترجمة: عمرو عثمان (بيروت/ الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014).

33 Anoush Ganjipour, L’ambivalence politique de l’Islam: Pasteur ou Leviathan? (Paris: Seuil, 2021).

34 Fethi Benslama, Un furieux désir de sacrifice: Le Surmusulman (Paris: Seuil, 2016).

35 سيد قطب، معالم في الطريق، ط 6 (القاهرة: دار الشروق، 1979)، ص 163 وما بعدها.

36 عبد الباسط سلامة هيكل، «الاحتيال الدلالي في خطاب جماعات الإسلام السياسي»، في: عبد الباسط سلامة هيكل وآخرون، مصادر الإسلامويّين: جذور الصناعة الحركية، كتاب 175 (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، يوليو 2021)، ص 13.

37 قطب، معالم في الطريق، ص 4-6.

38 المرجع نفسه، ص 8.

39 المرجع نفسه، ص 9-10.

40 المرجع نفسه، ص 57-58.

41 المرجع نفسه.

42 إبراهيم ناجح، «خمسة أسباب وراء تحول ‘ظلال سيد قطب’ لنشر العنف والتكفير»، جريدة الشروق، 03/08/2018، شوهد في: 15/10/2022، على: https://bit.ly/3Wb5Jnq

43 سيد قطب، في ظلال القرآن (القاهرة: دار الشروق، 1972)، م 2، ص 1125.

44 المرجع نفسه، م 3، ص 1816.

45 سعود المولى، الإخوان وسيد قطب (القاهرة: دار المشرق، 2017)، ص 51.

46 من المواضع الأخرى التي وردت فيها بهذا المعنى تقريبًا الموضع الأول: في سورة آل عمران (3: 154): ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهليّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا؛ الموضع الثاني: في سورة المائدة (5: 50): ﴿أفَحُكْمَ الْجاهليّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ؛ الموضع الثالث في سورة الأحزاب (33: 33): ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهليّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا؛ الموضع الرابع في سورة الفتح (48: 26): ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهليّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا؛ يُنظر أيضا: عبد الباسط سلامة هيكل، «الاحتيال الدلالي في خطاب جماعات الإسلام السياسي».

47 هشام جعفر، منهج النظر إلى مفهوم الجاهليّة (الإسكندرية: مكتبة الإسكندرية، 2013ص 18.

48 نور الهدا فرزام، «تأثير حاكميّة المودودي وقطب في منهج التكفير الطالباني»، في: نور الهدا فرزام وآخرون، طالبان المتحوِّرة: محاضن التطرف وسؤال التحولات، كتاب 177 (دبي: مركز المسبار للدراسات والبحوث، سبتمبر/ أيلول 2021ص 13-34.